، من حيث العراقة و القدم من أقدم المدن حيث عاصرت مدينتي نينوي و بابل .
لعظمتها كانت من أهم البلدان في القرون الاولي من العهد الإسلامي و لم تنافسها في حينها سوي مدينتي بغداد و نيشابور و تجدر الإشارة حقاً إلي أنها المدينة الأم لطهران . أقيمت النواة الأصلیة و أولي مباني هذه المدينة حول عين ماء تسمي عين علي ( چشمه علي ) و توجد بعض التلال التأريخية الأثرية العريقة جداً بالقرب منها .
تدل الحفريات العلمية الأثرية علی أن هذه التلال تضم العديد من الآثار التي تحكي عن وجود حضارة عريقة فيها . فخلال الحفريات العليمة التي أجریت عام 1935 م علي السفح الجنوبي لجبل ( چشمه علي ) و الأراضي المشرفة علي بستان صفائية ، أكتشفت أواني خزفية تعود إلي فترة تتراوح بين أربعة آلاف إلي ستة آلاف عام مضت و تدل علي وجود بشر متحضرين عاشوا علي امتداد و حول هذه العين العريقة و هؤلاء هم السكان الأوائل لمنطقة ري. الري هي مدينة تاريخية تقع بالقرب من طهران في إيران. فتحت الري في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وذلك بقيادة نعيم بن مقرن, ويقال أن زرادشت قد خرج منها. كما ينسب إليها عدد من علماء المسلمين ومنهم فخر الدين الرازي صاحب تفسير مفاتيح الغيب, والكيميائي محمد بن زكريا الرازي .
جغرافيا مدينة ري
حسب التصنيف القديم فإن مدينة ري تقع ضمن الإقليم الرابع الذي كان يعد من أشرف الأقاليم و نورد هنا أقوال بعض المؤرخين و الجغرافیین حول مساحة مدينة ري
يقول الإصطخري في كتاب ( المسالك و الممالك )
يقع الجزء الأكبر من مدينة ري جنوب جبل بيبي شهربانو و تنقسم مدينة ري التأريخية من حيث القدم إلي قسمين :
1ـ ري القديمة الأثرية
2ـ ري المستحدثة في العصور التالية ( العهد الإسلامي )
فالجزء الأول أي ري « ما قبل الإسلام «فهو الجزء الكائن جنوب عين علي حيث يوجد سور عظيم و عريض يعود إلي عصور ما قبل الإسلام و يسمي هذا الجزء « ري برين الأعلي أو الري و من هذا الجزء تنامت المدينة و اتسعت باتجاه الجنوب الشرقي تدريجياً .
الجزء الثاني : ري في العهد الإسلامي : و هو الجزء الكائن جنوب شرق الجزء الأول و جنوب جبل بيبي شهربانو يسمي « ري زیرین » أي « ري السفلي » و يحيط بها خندق واسع .
التاريخ المختصر لمدينة ري
يصف ابن الفقيه مدينة الري الحديثة نقلاً عن محمد بن إسحاق فيقول: « تعتبر الريّ عروس العالم ومفترق طرقه، والواسطة بين خراسان وجرجان والعراق ». وفي أواسط القرن الثاني الهجري شيّد المهدي العباسي هذا القسم من المدينة، الواقع في الشطر الشرقي منها، جنوب جبل ( بي بي شهر بانو ) وحفر خندقاً حولها، وبنى مسجداً جامعاً على يد عمار بن أبي الخصيب... وأحدث قلعةً فيها وحفر حول هذه القلعة خندقاً آخر، وأسمى هذه البنايات بمجموعها ( المحمدية )، بينما كان أهالي الريّ يسمّونها ( المدينة ) أو « شهرستان » ويسمون القلعة « كهندج »
وذكر ابن خُرداذَبه هذه المدينةَ في القرن الثالث في عداد بلاد البهلويين ، وذكر ابن حوقل والمقدسي في القرن الرابع بأن أكثر مناطق المدينة قد تهدّمت، وانتقلت تجارتها إلى ضواحي المدينة القديمة.
وكانت الريّ في القرن الرابع الهجري من أكبر المراكز الأربعة لولاية « الجبال ». ويعتقد الجغرافيون والمؤرخون بأن الري « كانت تقع ضمن حدود ولاية الدَّيلم، فهي تدخل في ولاية « الجبال » وولاية خراسان، وليس ثمة مدينة في المشرق أجمل وأوسع من الريّ ». ويكتب عن هذه المدينة أبو دُلَف الذي شاهد المدينة في أواخر القرن الرابع فيقول: تتصل أرض الري بجبال بني قارون ودنباوند وجبال الديلم وطبرستان. ويقول أيضاً: ويوجد في وسط الريّ مدينة عجيبة ذات بوابات حديدية وحصن عظيم ومسجد جامع، ويتوسطها أيضاً جبل عال تعتليه قلعة مُحكمة شيدها « رافع بن هرثمة » ولكنها الآن قد استحالت إلى أطلال.
وكان للري آنذاك حصن محكم، ويذكر ابن حوقل أسماء خمس بوابات لها وهي: بوابة باطاق في الجنوب الغربي، بوابة بليسان في الشمال الغربي، بوابة كوهك في الشمال الشرقي، بوابة هشام في الجانب الشرقي، وأخيراً بوابة سين في الجانب الجنوبي وتعرف ببوابة قم . ويشير المقدسي إلى بنايتين مهمتين في الري في القرن الرابع قائلاً: وإحدى هاتين البنايتين هي دار البطيخ « خَربُزه خانه » ويستعمل هذا الاسم عادة لسُوق بائعي الفاكهة في المدينة، والأخرى هي دار الكتب « كتابخانه » وتقع في فندق أسفل محلة رودة
وخرجت مدينة الري ونواحيها عن سلطة الخلفاء وخضعت لملوك آل بُوَيه منذ القرن الرابع وما بعده، وكانت هذه المنطقة تعتبر جزء من مناطق الديلم منذ ذلك الحين وتنقسم الري في القرن الخامس إلى قسمين منفصلين عن بعضهما؛ القسم الأول هو الري القديمة أو الأثرية الواقعة جنوب « چشمه علي » وسط حصن عظيم، وقد أقيمت في العصور التي سبقت الإسلام، وتسمّى « ري برين » أو « ري عُليا ». أما القسم الثاني فهو « الريّ الحديثة » وتقع جنوب شرقيّ القسم الأول وجنوب جبل « بي بي شهربانو »، وتسمّى « ري زيرين » أو « الري السُّفلى »
ويذكر ياقوت الحموي الشطرين المهمين لمدينة الريّ التي شاهدها في أوائل القرن السابع، قبل حملة المغول. ولكنّ شرحه لتفاصيل المدينة وأبنيتها مبهم وغير واضح
تعرّضت الري لغارات المغول عام 613هـ وضُربت على أيديهم، وكما يقول ياقوت فإن أغلب أبنيتها قد دُمّر ولم يَبقَ منها إلاّ سُورها
وينقل حمد الله المستوفي بأن غازان خان ـ ومن أجل الحيلولة دون دمار الري أكثر قد باشر بإحداث بنايات كثيرة وأسكن فيها جماعات من أهل الريّ في ( واندك )، ولكن الري لم ترجع إلى سابق عهدها، لأن أغلب أهلها فضّلوا النزوح إلى موضعين مجاورين لها هما طهران وورامين، وعلى الخصوص منطقة ورامين التي تتميز بعذوبة هوائها أكثر من الري.
تقسيمات مدينة ري
وبعد هجوم المغول استُحدثت في الريّ تقسيمات جديدة، إذ قُسّمت إلى أربع مناطق كبيرة. ويشير حمد الله المستوفي في القرن الثامن إلى هذه التقسيمات فيقول: « الناحية الأولى هي ناحية بَهنام، وفيها ستّون قرية من أكبر قراها ورامين وخاوه. والناحية الثانية هي ناحية سبور قرج، وفيها تسعون قرية أكبرها قرى شندر وإيوان كيف. والثالثة هي ناحية فشابويه، وفيها ثلاثون قرية أكبرها قرى كوشك عُليا باد وكيلين وجرم وقوج آغاز. والرابعة ناحية غار، وفيها أربعون قرية أكبر هذه القرى هي طهران ( وإمام زاده ) حسن المشهورة بـ ( جيان ) وفيروز بهرام ودولت آباد »
خرائب و أطلال مدينة ري
وظلت هذه التقسيمات على حالها في الفترات التالية، ولكن المدينة وشوكتها قد آلتا إلى الضعف والخراب، بحيث يتحدث كلافيخو ـ السائح المعروف في العهد التيموري ـ عن هذه الخرائب فيقول: « لقد رأيت أبنية عظيمة في المدينة وكلها مهجورة وخربة، ولكن بعض الأبراج ظلت قائمة، وكذلك رأيت أطلال بعض المساجد. وكل هذه الآثار هي آثار مدينة الري التي كانت في الماضي أكبر مدن المنطقة، ولكنها الآن مجرد خرائب وأطلال خالية من السكان » (
مدينة ري في العهد الصفوي
وكذلك كانت حالها في العهد الصفوي، إذ بقيت على خرابها، ويتحدث عنها مؤلف كتاب: « ري باستان » نقلاً عن « زينة المجالس » فيقول: مدينة الري خربة في الوقت الحاضر، ولا تزال إلى الآن على حالها منذ مجازر المغول ولما يحصل فيها أي تغير بعد
وشاهَد الري في العهد الصفوي السائحُ المعروف شاردن فكتب عنها: حدثت آخر أعمال التخريب في هذه المدينة إثر الحروب الداخلية، في العصر الإسلامي وغارات المغول على عراق العجم
حاضر مدينة ري
أخيراً كانت الري الجديدة قرية يقع فيها مقام السيّد عبدالعظيم الحسني، وحظيت هذه القرية بالاهتمام والعمران، حتّى أضحت مدينة صغيرة جميلة مزوّدة بمختلف التأسيسات، واستعادت اسمها ( مدينة الريّ ) من جديد، وبدأ عدد سكانها يزداد باضطراد، وهي الآن قضاء إذا ما أُضيفت إليها قرية غار
مناخ مدينة ري
مياه غزيره و لكنها ملوثه و و سخه و يقول اليعقوبي في البندان : يشرب اهالي المدينه من عيوت المياه الغزير و من الانهار الكبيره .
مناخ ري عليل و لطيف في الربيع و حار في الصيف و كثير الجليد في الشتاء و كان اعتدال مناخها في الربيع مضرباً للامثال البعيد و يشير ابن الفقيه في كتابه مختصر البلدان الي ذلك : يقال شتاء بغداد و ربيع ري و خريف همدان و صيف اصفهان .
و نظراً لاعتدال مناخ ري في الربيع ، اتخذها الاشكانيون عاصمه و ربيعيه لهم .
اما بخصوص حراره صيف ري فقد جاء في كتاب نزهه القلوب ! هي مدينه حاره و شمالها مغلق وجوها عفن و ماؤ ها اجاج .
و قد جاء وصف خريف ري في كتاب آثار البلدان علي انحو اتالي : مصل مناخ ري في فصل الخريف كمثل السهام المسمومه و يندران لاتكون كذلك و خاصهً بالنسبه للاجانب .